Emil Labib - إميل لبيب

Emil Labib - إميل لبيب صفحة تربوية نفسية نسعى فيها لنقل الخبرات العملية لتحقيق التوازن والصحة النفسية

من الفهم للتطبيقالإنسان يمتلك فضولًا فطريًا يدفعه إلى الفهم والتجريب منذ لحظاته الأولى في الحياة. هذا الفضول لا يعمل كحا...
21/11/2025

من الفهم للتطبيق

الإنسان يمتلك فضولًا فطريًا يدفعه إلى الفهم والتجريب منذ لحظاته الأولى في الحياة. هذا الفضول لا يعمل كحافز عابر، بل يمثل آلية بيولوجية ومعرفية توجه إدراكه للعالم وتجعله يطرح الأسئلة ويعيد تفسير ما يراه. التعلم لا يبدأ في لحظة دخول المدرسة، بل يتشكل قبل ذلك بوقت طويل داخل سياقات الحياة اليومية.

تاريخ الإنسان يكشف أن التجربة الشخصية ليست المصدر الوحيد للمعرفة. المجتمعات عبر العصور طورت طرقًا مختلفة لحفظ خبراتها؛ بدأت بالنقوش على جدران الكهوف، ثم البرديات والألواح الطينية وجلود الحيوانات، وصولًا إلى الكتب والصحف والمكتبات الحديثة. هذا الكم الهائل من التوثيق شكّل ذاكرة جماعية ممتدة، تسمح لكل جيل بأن يرث خبرات من سبقه دون أن يعيد اكتشاف العالم من الصفر.

هذا التراكم المعرفي نقل الإنسان من مجرد كائن يلاحظ الظواهر إلى كائن قادر على التحليل والاستنتاج وبناء الفرضيات. كل خطوة في تاريخ التدوين ساهمت في تعزيز قدرة الإنسان على التفكير المنظم. فالنقوش الأولى حفظت الخبرات الحسية المباشرة، بينما سمحت الكتابة لاحقًا بنقل الأفكار التجريدية والتصورات المعقدة. مع الزمن أصبحت المعرفة ليست مجرد تسجيل للخبرة، بل وسيلة لفهم العلاقات بين الظواهر وتوقع ما يمكن أن يحدث بناءً على ما تمّ تعلمه مسبقًا.

ومع تطور أساليب حفظ المعرفة، تطور الوعي الإنساني ذاته. فوجود تاريخ مكتوب يمنح الفرد إطارًا مرجعيًا لفهم تجربته الخاصة؛ حيث لا تُقرأ الأحداث كوقائع منفصلة، بل كجزء من رحلة طويلة في مسار التعلم البشري. هذا الارتباط بين التجربة الفردية والذاكرة الجمعية هو ما جعل عملية التعلم أكثر عمقًا، وأكثر قدرة على تشكيل التفكير النقدي واتخاذ القرار.

التراكم المعرفي الذي صنعته الخبرة الفردية والذاكرة الجمعية عبر التاريخ يكشف أن التعلم ليس حدثًا مفصولًا عن سياقه، بل عملية ممتدة تتداخل فيها الخبرة الحياتية مع الممارسات المنظمة. هذا الفهم يوضح أن الإنسان يتعلم من مستويين متوازيين يتداخلان باستمرار:
ـ مستوى يعيش فيه الخبرة اليومية بشكل غير مقصود، ويكتسب منه العادات والنماذج السلوكية والمعاني الأولى للعالم
ـ ومستوى آخر تقوم فيه المجتمعات بتنظيم المعرفة في صورة مناهج وأهداف وأساليب تدريس.

هذان الشكلان، التعليم العرضي والتعليم المقصود، لا يعملان ككيانين مستقلين، بل يمثلان امتدادًا طبيعيًا لمسار واحد يبدأ بالخبرة الخام ويتطور عبر التخطيط والتقنين، مما يجعل كل تعلم جديد جزءًا من تراكم مستمر لا ينفصل عن جذوره الأولى.

فالتعليم العرضي والمقصود ليسا نظامين متوازيين فقط
بل هما قطبان يتغذى كل منهما من الآخر.
التعليم العرضي يبدأ منذ الولادة داخل الأسرة والمجتمع.
هو مصدر للأمثلة الحسية، للعادات، وللنماذج السلوكية.
هذا النوع يكوّن مخزونًا أوليًا من الخبرات التي يعتمد عليها الطفل في فهم العالم.
المجتمع المكتوب والمحفوظ سابقًا يزيد أثر التعليم العرضي لأنه يعطي الطفل مرجعًا تتطابق معه تجاربه اليومية.

التعليم المقصود يبني على ما وفره التعليم العرضي.
التعليم الرسمي يضع أهدافًا ومناهج وأدوات.
لكن نجاحه مرتبط بمدى ملاءمته لمخزون الخبرات السابق لدى المتعلمين.
المتعلم لا يبدأ من الصفر

لذلك يجب أن تصمم الخبرات التعليمية الرسمية لتربط المعارف الجديدة بما يعرفه المتعلم بالفعل.

التعليم العرضي يزوّد المتعلم بالمواد الخام من خبرة الحياة.
التعليم المقصود يعالج هذه المواد ويحوّلها إلى معرفة منظمة قابلة للتطبيق.

تحقيق تعلم فعّال يتطلب دمج ما هو مقصود مع ما هو عرضي بتصميم واعٍ يربط بين خبرات الفرد والمرجع التاريخي والثقافي للمجتمع.
التعليم لا يحدث تلقائيًا. فيجب أن ترتب له وتبنيه على قواعد علمية تحكم السلوك.

علماء السلوك وضحوا أن التعلم يرتبط بتقوية السلوك أو إضعافه. هذا ما طرحه سكنر عندما شرح أن السلوك يتكرر إذا حصل على تعزيز، ويتلاشى إذا لم يجد نتيجة مفيدة. هذا ما يجعل المعلم مسؤولًا عن تصميم بيئة تعليمية تحفّز السلوك الأكاديمي وتقلل السلوك المشتت.

عندما نفهم هذه القوانين، نصبح قادرين على تنظيم الموقف التعليمي.
فنعرف متى نستخدم التعزيز الفوري
ومتى نربط المتعلم بالخبرة الواقعية
ومتى ندعم فضوله الطبيعي.

المعلم الذي يفهم أساسيات التعلم السلوكي والبنائي يقدم بيئة تتيح للطفل أن يبني معرفته بدل أن يتلقاها فقط.

الخبرات غير المقصودة تشكل جزءًا ضخمًا من تعلم الطفل.
لكن الخبرة المقصودة هي التي تنقل هذا التعلم من مستوى العشوائية إلى مستوى البناء.

هنا يظهر دور التصميم التربوي:
ـ تخطط للأنشطة
ـ ترتب الخبرات
ـ ربط التعلم بسياقات الطفل اليومية
هذا ما أكدته النظرية البنائية حين اعتبرت التعلم عملية نشطة يبني فيها المتعلم المعرفة من خلال تفاعله مع العالم.

عندما نضع هذا كله في منظومة واحدة، نفهم أن التعليم الفعّال يجمع بين خبرة الطفل الذاتية من الواقع، وخبرة تعليمية مقصودة تعتمد على فهم واضح لقوانين التعلم.
بذلك نساعد الطفل على الانتقال من التجربة إلى الفهم
ومن الفهم إلى التطبيق.

والحديث عن العلم لا ينتهي
لذا للحديث بقية
ما دام في العمر بقية.


باحث دكتوراه في الصحة النفسية وعلوم التربية

المراجع
ألبرت باندورا. (1977). نظرية التعلم الاجتماعي.
جون ديوي. (1938). الخبرة والتعليم.
جان بياجيه. (1970). الإبستمولوجيا الجينية.
بورَس فريدريك سكينر. (1953).
ليف سيميولوفيتش فيجوتسكي. (1978). العقل في المجتمع: تطور العمليات النفسية العليا.

وضع العناوين والمغالاة في المجاملةأرسل إليّ أحد الأصدقاء يسألني، أو بالأحرى يراجعني فيما كتبت عن نيتي في كتابة المقال ال...
14/11/2025

وضع العناوين والمغالاة في المجاملة

أرسل إليّ أحد الأصدقاء يسألني، أو بالأحرى يراجعني فيما كتبت عن نيتي في كتابة المقال السابق ( اللينك في أول تعليق ). كانت محادثةً طويلة، امتزج فيه الحوار بيننا بمساحات من الاتفاق والاختلاف، لكنه ظل يدور في إطار من البحث الصادق عن الحقيقة.

خلال حديثنا، توقفنا عند سمة لاحظناها في مواقف محددة نعيشها أو نراها حولنا، وهي:
ـ وضع العناوين. ( العنونة )
ـ التكبير والتهويل في الوصف عند تناول الأحداث أو الأشخاص.
وهي واحدة من أخطاء التفكير التي تجعلنا نبتعد عن التقييم الواقعي، فنغلف الأشخاص والمواقف بعبارات ضخمة لا تعكس حقيقتها، وهي ممارسات قد لا تظهر دائمًا عن قصد
لكنها قد تعكس أحيانًا رغبة في لفت الانتباه أو إظهار الحماس أو المجاملة.

فعندما نُضخّم وصف موقف عادي أو نستخدم كلمات أكبر من حجم الواقع، نفقد الدقة في الحكم. بدل أن نصف الفعل كما هو، نُلبسه هالة من المبالغة تُشوّه المعنى وتربك المتلقي.

المشكلة ليست في استخدام التعبير الجذّاب، بل في تجاوزه حدود الحقيقة. فالتقييم الواقعي يتطلب لغة متزنة تُنصف المعنى ولا تُرضي الأذن على حساب الفهم. بهذا الشكل نضمن أن تكون كلماتنا صادقة بقدر ما هي مؤثرة.

واتفقنا في نهاية الحوار على أن هذه السمة لا تقف عند حدود العناوين أو الأوصاف فقط، بل تمتد لتصيب سلوكنا اليومي وطريقتنا في التعبير عن الآخرين. ففي كثير من الأحيان، نقع دون وعي في فخ المبالغة والمجاملة، خاصة عندما نتحدث عن أصحاب المناصب أو الشهرة. نمنحهم عناوين ضخمة وأوصافًا تفوق الواقع، ظنًا منا أننا نظهر احترامًا أو ولاءً، بينما نحن في الحقيقة نساهم في تكوين صورة زائفة تُبعدنا عن التفكير النقدي والصدق في التقييم.

أحد الأمثلة التي ناقشناها، إطلاق الألقاب على القادة. فمثلًا عندما يراد وصف الرئيس، فيأتي من يبالغ فيسميه الزعيم”، ثم يتصاعد الأمر فيطلق عليه آخرون “الزعيم الخالد”. مجاملة تتضخم لتتحول إلى أسطورة، رغم أن الواقع يقول إن هذا “الخالد” لم ينجح في أي معركة حقيقية، سياسية كانت أو عسكرية، سوى معركته ضد شعبه نفسه.

المبالغة هنا تعني التضخيم المتعمد للصفات أو الألقاب بحيث تتجاوز الحقيقة الواقعية. هي ليست مجرد مجاملة بسيطة، بل هي طريقة لتجميل الواقع أو تحويل صفة عادية إلى شيء أسطوري أو فائق، يجعل الناس يصدقون صورة مثالية لا وجود لها على أرض الواقع.

ببساطة، المبالغة تجعل الوصف أقوى من الواقع، فتُغيّب التفاصيل المهمة وتُخفي القصور والفشل، وتخلق انطباعًا مبالغًا فيه عن الشخص، بحيث يُنظر إليه على أنه أفضل مما هو عليه بالفعل. هي أداة نفسية واجتماعية تُستعمل أحيانًا للتحكم في الرأي العام أو لتضليل الآخرين عن الحقائق الفعلية.

مثال آخر، حين يُقال عن مسؤول أو قائد إنه “محترم”، فيتسابق آخرون ليقولوا “أكثر واحد محترم في الدنيا”. في الوقت الذي يظهر فيه هذا القائد عاجزًا عن تحقيق العدالة أو النزاهة أو حتى التخطيط السليم، وكل ما يجيده هو إرضاء أصحاب القرار الأعلى منه.

هذا المثال يُظهر كيف تتحول المجاملة من تعبير عن تقدير إلى تضخيم يطمس الحقيقة. فعندما نصف قائدًا بأنه "محترم"، قد يكون الوصف في حد ذاته عادلًا إذا استند إلى سلوك فعلي أو مواقف واضحة. لكن حين يتسابق البعض ليقولوا "أكثر واحد محترم في الدنيا"، تتحول الكلمة من وصف واقعي إلى دعاية عاطفية تُفرغ المعنى من قيمته.

هذه المبالغة تعكس خللًا في التفكير النقدي، لأننا نُركّز على الصورة اللفظية لا على المضمون العملي. فالقائد الذي يُفشل خططه، أو يعجز عن تحقيق العدالة والنزاهة، لا يُصبح محترمًا لمجرد حسن مظهره أو لطافة حديثه.

الاحترام الحقيقي يُكتسب من الأفعال لا من الألقاب، ومن النزاهة في الممارسة لا من المجاملة في الوصف. والمبالغة هنا تُربك الوعي الجمعي لأنها تُكافئ الكلمات بدل الأداء، وتُسكت النقد باسم الاحترام.

ومن صور المبالغة التي تناولناها أيضًا، حين يُفرط بعض الأشخاص في المجاملة عند الحديث عن قضايا بلد آخر، فيرفعونها إلى مكانة تفوق مكانة وطنهم، بدافع التأييد أو التعاطف. وعندما يُراجعهم أحد في هذا التناقض، ويسألهم كيف يعلي إنسان من شأن بلد غير بلده بهذا الشكل، يُسارعون باتهامه بالجهل أو ضيق الأفق، وربما يتطاولون عليه بالكلام.

هذه المبالغة لا تُعبّر عن وعي أو انفتاح، بل عن خلط بين التعاطف المشروع والمقارنة غير المنصفة، وعن ضعف في إدراك قيمة الانتماء دون تعصب. فالدفاع عن قضية عادلة لا يستدعي أن ننتقص من قيمة أوطاننا، ولا أن نحول المجاملة إلى إنكارٍ للذات.

المجاملة المفرطة بهذا الشكل تُشوّه الوعي الجمعي، وتحوّل التقدير الطبيعي إلى موقف مبالغ فيه يختلط فيه الانفتاح بالتقليل من الذات، فتُربك الناس بين الحقائق والمظاهر.

هذه المبالغات لا تُبنى على الحقائق
بل على الرغبة في الظهور بالموافق
أو على الخوف من الخروج عن القطيع.
المجاملة حين تتحول إلى تضخيم
تصبح مغالطة فكرية تخدع العقول وتُضعف الوعي.

التعلم الحقيقي يبدأ عندما نتوقف عن تزيين الواقع بالكلمات
ونتعامل مع الأشخاص كما هم، لا كما نُريد أن نراهم.
فلا مجاملة تصنع إنجازًا، ولا لقب يغيّر من الحقيقة.

الصدق في تقييم الأمور منفصلًا تمامًا عن الأشخاص أنفسهم. قبولنا لشخص ما لا يعني إعفاءه من التقييم أو المساءلة. فالتقدير الإنساني شيء، ومحاسبة الأداء شيء آخر. المناصب والمسؤوليات تحتاج إلى من يُراجعها لا من يُجاملها، وإلى من يُذكّر أصحابها بالواقع لا من يُغريهم بالكلمات.

علينا أن نترفق بمن في موقع القرار حتى لا يُغريهم المديح الزائف
وأن نكون منصفين لمن يتحملون ضغوط العمل
فلا نزيدها عليهم بمبالغات تُشوّه الصورة أو تحجب الحقيقة.
بهذا فقط نحافظ على ميزان العدالة بين التقدير والمساءلة
وبين الإنسانية والموضوعية.

وللحديث بقية
أن كان في العمر بقية

مابين المجاملة والمغالطة أحيانًا بنقع في زلات لسان أو مجاملات عفوية قد تتحول لمبالغة في الإشادة بصفات لا تمتّ كثيرًا للو...
09/11/2025

مابين المجاملة والمغالطة

أحيانًا بنقع في زلات لسان أو مجاملات عفوية قد تتحول
لمبالغة في الإشادة بصفات لا تمتّ كثيرًا للواقع.
تتفاوت هذه المواقف بين مجاملة بسيطة في لقاء عائلي أو مناسبة اجتماعية محدودة، وبين ما يحدث في محافل دولية أو مناسبات رسمية يحضرها أشخاص لهم مكانة اجتماعية أو سياسية.
وهنا يظهر الفرق الحقيقي في أثر الكلمة ومسؤولية قائلها.

الموقف ده يلفت نظرنا لأهمية التحضير المسبق للكلمات، لأن الارتجال غير المحسوب ممكن يجر صاحبه لهوة تشبه الرمال المتحركة.

وكمان بيذكرنا إن في حاجة اسمها ذكاء إجتماعي
ومن أهم مهاراته إننا نعرف متى نتكلم، وماذا نقول، وكيف نقوله.

وزي ما قالوا زمان:
لكل مقامٍ مقال، والكبير غلطته كبيرة.

وعلشان كده
محتاجين نفرّق بين المجاملة والمغالطة

المجاملة سلوك اجتماعي راقٍ، يعكس الذوق والاحترام.
هي محاولة لطيفة لإظهار التقدير أو تشجيع الآخرين بكلمات طيبة دون تجاوز للحقائق.

المجاملة تلطّف الأجواء، وتفتح القلوب، وتساعد في بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل.
هي كلمة موزونة تُقال في وقتها، دون أن تنفي الحقيقة أو تزيّف الواقع.

زي لما تقول لشخص اجتهد “شغلك جميل” حتى لو مش كامل، لأنك بتشجعه على الاستمرار.

أما المغالطة فهي شيء مختلف تمامًا.
المغالطة فيها تسوية بين الحقيقة والباطل، وتلبيس على الواقع.

هي مش مجرد مبالغة، لكنها تزييف متعمد أو غير واعٍ، يقدّم الخطأ في صورة الصواب.

فيها نوع من التضليل أو التزيين لما لا يستحق، فتتحول الكلمة من وسيلة تقدير إلى أداة خداع.

زي لما تمدح أداء ضعيف على أنه عظيم، أو تبرر خطأ فادح على أنه اجتهاد.

المجاملة تحفظ الكرامة.
المغالطة تهدر المصداقية.
الأولى تبني الثقة، والثانية تدمّرها.

وفي زمن تتسارع فيه الكلمة وتُسمع على نطاق واسع، بقى واجب علينا نراجع أنفسنا قبل ما نتكلم، ونفهم إن الصدق لا يتعارض مع اللطف، وإن الحكمة في الموقف أهم من أي محاولة لإرضاء مؤقت.

وللحديث بقية
أن كان في العمر بقية

للآباء والمهتمين بجودة التعليمتدريب تفاعلي بانشطة واختبارات عملية
02/11/2025

للآباء والمهتمين بجودة التعليم
تدريب تفاعلي بانشطة واختبارات عملية

⏰ فاضل أقل من أسبوع واحد بس على ورشة
"إزاي تساعد ابنك يتعلّم بفاعلية" 💡

الورشة دي هتخليك تشوف طريقة تعلم ابنك بنظرة مختلفة تمامًا 👀
هتعرف إزاي تكتشف ذكاءه المميز، وتتعامل مع صعوباته من غير توتر ولا لوم،
وتبني بينكم علاقة فيها دعم وهدوء بدل الصراع اليومي مع المذاكرة.

☕ الأجواء بسيطة ودافئة، والمحتوى عملي جدًا ومناسب لكل ولي أمر حابب يبدأ يفهم ابنه أكتر.
أماكن محدودة جدًا والحجز بيقفل أول ما العدد يكتمل 🔒

🗓️ الخميس ٦ نوفمبر | من ٧ لـ١٠ مساءً
🗓️ الجمعة ٧ نوفمبر | من ٢ لـ٥ مساءً
📍 المكان: The Shack – مصر الجديدة

📩 احجز مكانك دلوقتي من خلال واتساب:
📞 https://wa.me/201556119766

ديناميات الصراعات الوالدية وانعكاسها على النمو النفسي للطفلأغلب شكاوى الوالدين من أبنائهم تدور حول العناد وعدم الطاعة. و...
27/10/2025

ديناميات الصراعات الوالدية وانعكاسها على النمو النفسي للطفل

أغلب شكاوى الوالدين من أبنائهم تدور حول العناد وعدم الطاعة. وعند فحص الحالات ومتابعة ديناميات الأسرة، يتضح أن المشكلة لا تتعلق بالطفل وحده، بل بالبيئة التي ينشأ فيها. نسبة كبيرة من الأسر تتعامل مع الخلافات الزوجية وكأنها لا تؤثر في الأطفال، بينما في الحقيقة، أبسط تعامل بين الوالدين ينعكس على الأبناء، فكيف تكون الحال عند وجود شجارات متكررة وصراخ دائم؟

أحد أهم مقومات النمو النفسي والعاطفي السليم للطفل هو شعوره بالاطمئنان. يتكوّن هذا الإحساس عندما ينشأ الطفل في بيئة آمنة تمنحه الحماية والقبول والحب غير المشروط، ويظهر ذلك بوضوح عندما يرى والديه متعاونين ومتفاهمين في تعاملاتهما اليومية.

أما الشجار المستمر، سواء بين والدين يعيشان معًا أو منفصلين، فيترك أثرًا عميقًا في نفسية الطفل. معظم النزاعات بين الكبار تتضمن اللوم، الاتهام، الصوت العالي، الإهانات، التقليل من شأن أحد الطرفين أو التقليل من دوره داخل الأسرة، وفي بعض الأحيان يتطور الأمر إلى العنف الجسدي، وقد يكون الاعتداء متبادلًا بينهما، مما يزيد من حدة الصراع ويضاعف الأثر النفسي السلبي على الأطفال فهذه المشاهد تترسخ في ذاكرة الطفل وتضعف شعوره بالأمان.

الأطفال يمكنهم تحمل الطلاق أكثر من تحملهم الشجار المزمن. الطلاق قد يكون مؤلمًا لكنه واضح ومستقر، أما الخلاف المستمر فهو استنزاف دائم لأعصاب الطفل ونظامه النفسي.

يسمع الصراخ في البيت كأنه صوت داخلي لا ينتهي، فيصاب بالقلق واضطرابات النوم والأكل، ويضعف إحساسه بالثقة بالنفس. حينها يصبح الطفل خائفًا، مترددًا، منسحبًا، ويشعر أنه بلا حماية.

تشمل جذور الصراعات الزوجية الأمور المادية، وترتيب الأولويات، واتخاذ القرار داخل الأسرة. فحين يختلف الزوجان حول كيفية الإنفاق أو ما يُقدَّم على غيره من احتياجات، تتصاعد التوترات تدريجيًا. ويزداد الأمر تعقيدًا عندما تكون هناك خلافات قديمة لم تُصفَّ بعد، أو ذكريات مؤلمة لم يحدث حولها تراضٍ أو غفران حقيقي. عندها يتحول كل خلاف جديد إلى إعادة إحياء لتاريخ من الجراح المتراكمة، لا مجرد نقاش حول موقف واحد.

ويُضاف إلى ذلك الاختلاف السيكولوجي بين الرجل والمرأة، وهو أحد الجوانب العميقة في فهم الصراع الأسري.

فالرجل غالبًا يميل إلى الحلول العملية المباشرة والتفكير المنطقي، بينما تميل المرأة إلى التعبير الانفعالي والحاجة إلى الإصغاء والتفهم. هذه الفروق ليست سلبية في حد ذاتها، لكنها تتحول إلى مصدر توتر دائم إذا لم تُفهم بوعي. فبدلًا من التكامل بين الأدوار، تتحول إلى مواجهة مستمرة يسودها سوء الفهم والانفعال العاطفي.

يعتقد كثير من الأطفال أنهم السبب وراء الشجار بين والديهم، خاصة عندما يتمحور الخلاف حولهم، مثل قضايا التربية أو الإنفاق على الدروس والمستلزمات اليومية أو تنظيم أوقات المبيت، فينشأ لديهم شعور بالذنب والمسؤولية عن ما يحدث داخل الأسرة.

هذا الشعور بالذنب يضاعف ألمهم النفسي. والأسوأ أن الطفل يتعلم من والديه أسلوب التواصل نفسه، فيعيد ما يراه في بيته داخل المدرسة أو مع أصدقائه.

فعندما يشعر بأن مصدر الأمان الأساسي في حياته مهدد أو أن بيئته غير مستقرة وهادئة، يتراكم بداخله غضب مكبوت لا يجد طريقًا للتعبير عنه.
حينها يبدأ في التصرف بعنف غير مبرر، فيفرّغ ما بداخله من توتر وألم من خلال الخروج عن المألوف أو كسر القواعد، وكأن كل تصرف اندفاعي منه هو صرخة ألم صامتة تعبّر عن مشاعر لم يُتح له أن يعبّر عنها بالكلمات.

عندما ينشغل الوالدان بخلافاتهما المستمرة، تتحول طاقتهما العاطفية والذهنية إلى إدارة الصراع بدلًا من الاهتمام بالطفل فلا يجد الابن أو الابنة من يسمعهم، أو يشاركهم تفاصيل يومهم، أو يتابع دراستهم وسلوكهم بشكل منتظم.

غياب هذا الحضور النفسي والتربوي يجعل الطفل يشعر بأنه غير مرئي أو غير مهم، فيفقد الحافز على الالتزام والتفوق. فيبدأ مستواه الدراسي في التراجع، وقد تظهر عليه سلوكيات لافتة للانتباه مثل العناد، التمرد، أو الانسحاب كوسيلة غير مباشرة لطلب الاهتمام.

كما أن غياب النموذج الهادئ والمتزن في البيت يجعل الطفل يفتقد مهارات التنظيم والانضباط، فيقل التزامه بالقواعد في المدرسة أو في التعامل مع الآخرين.

ومع مرور الوقت، يتحول هذا الإهمال غير المقصود إلى خلل في التوازن النفسي والسلوكي، لأن الطفل لا يجد بيئة تحتضنه أو توفر له شعور الاستقرار الذي يحتاجه لينمو بأمان.

عندما تتفاقم الخلافات داخل الأسرة ويصبح المنزل بيئة مشحونة بالصراع، يكون من الأفضل إبعاد الأطفال مؤقتًا إلى مكان أكثر استقرارًا مثل بيت الأجداد، مع التأكيد على ضرورة التزام الكبار بالحياد التام وعدم الانحياز لأي من الوالدين.

هذا الإجراء يهدف إلى حماية الأطفال من الآثار النفسية الناتجة عن مشاهدتهم المتكررة للنزاعات. وفي بعض الأحيان، قد يكون الانفصال خيارًا أكثر رحمة من الاستمرار في حياة يغلب عليها التوتر والصراخ والاتهامات المستمرة.

في كل الأحوال، يحتاج الطفل إلى من يساعده على التعبير عن مشاعره المكبوتة، وقد يكون المختص النفسي هو الملاذ الآمن لذلك. فالكبت
المستمر يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل التبول اللاإرادي، الخوف المزمن، أو نوبات الغضب. يجب على الوالدين ألا يحاولا كسب الطفل لطرف دون الآخر أو تشويه صورة أحدهما أمامه، لأن ذلك يدمر توازنه الداخلي.

من الضروري أيضًا ألا يُجبر الطفل على الانحياز لأحد والديه، لأن هذا يولّد شعورًا بالذنب والارتباك الداخلي. أو يقوم احد طرفي الصراع باستخدام الطفل كوسيلة ضغط على الطرف الآخر، فيتحول الطفل إلى أداة في الصراع بدلًا من أن يكون طرفًا محميًا منه، مما يترك أثرًا نفسيًا عميقًا فيه ويزيد شعوره بالارتباك والضياع، فالأفضل أن يبتعد عن الصراعات، ويُترك في مساحة يشعر فيها بالهدوء والاستقرار.

الموضوع واسع ومتفرع، والأخطاء في إدارة الخلافات الأسرية كثيرة
لكنها كلها تترك آثارًا نفسية عميقة في الأطفال.

ما يحتاجه الطفل ليس والدين بلا أخطاء
بل والدان قادران على الإصغاء، والاعتذار
وإعادة الطمأنينة كلما اختلت.

وللحديث بقية
أن كان في العمر بقية

🎓 إزاي تساعد ابنك يتعلّم بفاعلية؟لو نفسك تفهم ابنك أكتر وتدعمه في رحلة تعليمه… الورشة دي معمولة مخصوص علشانك 📘 محاور الو...
23/10/2025

🎓 إزاي تساعد ابنك يتعلّم بفاعلية؟

لو نفسك تفهم ابنك أكتر وتدعمه في رحلة تعليمه… الورشة دي معمولة مخصوص علشانك

📘 محاور الورشة:
1️⃣ فهم مفهوم الاستعداد المدرسي وليه مهم جدًا قبل بداية الدراسة.
2️⃣ التعرف على الذكاءات المتعددة عند الأطفال وإزاي تكتشفها عند ابنك.
3️⃣ فهم أنماط التعلم المختلفة ودور الأسرة في دعم كل نمط.
4️⃣ مؤشرات صعوبات التعلم وكيفية الاكتشاف المبكر لها.
5️⃣ التعرف على اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) واستراتيجيات التعامل معه.

🗓️ موعد الورشة:
الخميس ٦ نوفمبر | من ٧ إلى ١٠ مساءً
الجمعة ٧ نوفمبر | من ٢ إلى ٥ مساءً

📍 المكان: مقر The Shack – مصر الجديدة

☕ الورشة تمتد على مدار يومين، كل يوم ٣ ساعات، مع فترة راحة وضيافة خفيفة.

👩‍🏫 الميسّرين:
إميل لبيب
دراسات دكتوراه في العلوم التربوية والصحة النفسية
أخصائي نفسي ومعالج سلوكيات إدمانية

داليا فايز
دبلومة خاصة في التربية
مشيرة أطفال وأسرة

📩 للحجز أو الاستفسار:
تقدر تتواصل معانا عبر واتساب على الرقم:
📞 https://wa.me/201556119766



الذاتمفهوم من أعمق المفاهيم التي شغلت علم النفس الإنساني، تناوله كارل روجرز في نظريته التي عُرفت بـ"نظرية الذات". يرى رو...
10/10/2025

الذات

مفهوم من أعمق المفاهيم التي شغلت علم النفس الإنساني، تناوله كارل روجرز في نظريته التي عُرفت بـ"نظرية الذات".
يرى روجرز أن الإنسان كائن يسعى بطبيعته إلى النمو وتحقيق ذاته، وأن سلامته النفسية تتوقف على مدى قربه من ذاته الحقيقية وتوافقها مع ذاته المثالية. كلما كان هناك انسجام بين ما يراه الإنسان عن نفسه وما يتمنى أن يكون عليه، كلما عاش في رضا واتزان، بينما يزداد القلق والاضطراب حين يتسع الفارق بينهما.

عند العودة إلى البدايات الأولى، نجد أن آدم حين خُلق كان يحمل ملامح "الذات الحقيقية":
أصيلة، صادقة، منفتحة، تنبض بالعفوية والحب غير المشروط.
كان في حالة انسجام داخلي وخارجي
يتمتع بالسيادة على الطبيعة والكائنات
لا يمرض
ولا يخاف
يعيش كخليفة لله على الأرض
سيد للخليقة.

لكن حين وقع في العصيان فقد هذا السلطان
بسقوطه في العصيان تشوهت هذه الصورة
وظهرت "الذات المزيفة" التي تتسم
بالخوف
الكبت
التصنع
العلاقات المشروطة
والنقد المفرط
فقد تواصله مع نفسه
كبت مشاعره
اسقط أخطاءه على الآخر مدينًا إياه بدل أن يتواصل معه بصدق.
هذا التشوه، جعل الإنسان يعيش صراعًا داخليًا بين أصالة ذاته وبين القناع الذي فرضته الخطايا والظروف.

ومع سعي البشر للتعافي، ووفقًا لاختلاف التجارب والفروق الفردية، لم يعد الناس يعيشون بذات حقيقية كاملة ولا بذات مزيفة خالصة.
ظهرت "الذات الفعلية"
وهي المزيج الواقعي الذي يوجد عليه كل فرد اليوم. هذه الذات تجمع بين جوانب من الأصالة والانسجام
وبين ملامح التشوه والخوف
وملامح وأخرى من التشوه والتصنع
لتشكّل بصمتها المكونه لشخصيته الخاصة وتجعله متفردًا عن غيره.

إذا نظرنا إلى السمات التي تميز بين الذات الحقيقية والمزيفة، سنجد أن:
الأولى تتسم بالصدق، الشجاعة، الرحمة، العطاء، الانفتاح على اللاوعي، والنمو بحرية.
أما الثانية فتظهر في صورة
الخوف
الانسحاب
الكبت
النقد
العلاقات المشروطة
البحث عن الأمان الزائف
والإدمانات.

وبينهما تتحرك الذات الفعلية التي يعيشها الفرد، متأرجحة بين الصدق والتصنع، بين الانفتاح والانغلاق، بين الحب المشروط والحب الأصيل.

بعد فقدان ذاته الحقيقية ، وجد الإنسان نفسه في رحلة بحث دائمة عن ما فقده:
سيطرته
سلامه
أصالته
وحضوره أمام الله،
حاول أن يملأ فراغه الداخلي بالملذات المادية:
الطعام
الشهوة
المال
السلطة.
لكنه يكتشف أنها لا تُشبع النفس ولا تروي الروح. الجسد يشبع لحظيًا، لكن الجوع النفسي والروحي يظل قائمًا. في المقابل، الشبع الحقيقي يتجسد في:
محبة غير مشروطة.
علاقات صادقة وآمنة.
معنى وهدف في الحياة.
انسجام مع الذات والآخر والخالق.

فيعيش الإنسان صراعًا داخليًا متواصلًا: صراع بين أصالته وزيفه، بين رغبته في العودة إلى ذاته الأولى بما تحمله من صدق وصفاء، وبين ما يثقل داخله من جراح ونقائص وتشوهات نشأت إما من تجاربه الخاصة أو مما تركه الآخرون فيه من أثر.

في كتاب "أنقذوا الطفل في داخلكم" لتشارلز ويتفيلد يقدم فهم أعمق لهذا الصراع الداخلي حيث يوضح أن الطفل الداخلي في كل إنسان ما زال يصرخ ليُسمع ويُحتضن.

الذات المزيفة غالبًا ما تتكون كآلية دفاعية لحماية هذا الطفل من الألم أو الرفض أو الخوف، لكنها تتحول مع الوقت إلى قيد يمنع الفرد من عيش حريته وأصالته. إعادة الاتصال بالطفل الداخلي تمثل خطوة أساسية للتعافي من القيود النفسية والعودة إلى الذات الحقيقية.

في عالم يتوارى كثيرون فيه وراء أقنعة التدين الظاهري لإخفاء ذواتهم المزيفة، تصبح الخطوات العملية أكثر ضرورة، لكنها يجب أن تكون واقعية ومتدرجة:
الخطوة الأولى في طريق التعافي تكمن في الوعي.
أن يدرك الإنسان مواضع القوة والأصالة في داخله، وفي الوقت نفسه يعترف بمناطق الزيف والتشوه دون إنكار أو تبرير.

الهدف ليس محو الذات المزيفة كليًا، فهي كانت وسيلة للبقاء والحماية في مراحل مبكرة، بل الهدف تقليل سيطرتها والعودة تدريجيًا إلى الأصالة والانسجام.

رحلة الإنسان إذن هي رحلة عودة:
من الذات المزيفة إلى الذات الحقيقية
مرورًا بالذات الفعلية التي تمثل واقعه الحالي.

وكل خطوة في هذا الطريق تقرّبه من ذاته الأصيلة
وتعيد إليه انسجامه الداخلي
وتفتح له باب النمو والحرية التي وُجد من أجلها.

وللحديث بقية
أن كان في العمر بقية

04/10/2025

عندما تفتخر أخصائية علاقات زوجية بأن ابنتها، التي تزوجت حديثاً، ستنجب بعد تسعة أشهر من الزواج، يمكن أن تستنتج أن ما كانت تنصح به لم يكن نابعاً من فهم حقيقي للعلاقات الزوجية.

تعديل:
وارد جداً أن يكون التعليق قد دُسّ عليها، خصوصاً أنها شخصية مثيرة للجدل في مجال ما زال يُعدّ من التابوهات لدى الأغلبية. ومع ذلك، أرى أن مثل هذا التصريح قد يصدر منها، استناداً إلى تصريحات سابقة لها.

الأمومة على حدود اليسار والرقصخلال الأسبوع الماضي تزامنت واقعتان قد تبدوان بعيدتين كل البعد، وسواء كنت متفقًا أو مختلفًا...
27/09/2025

الأمومة على حدود اليسار والرقص

خلال الأسبوع الماضي تزامنت واقعتان قد تبدوان بعيدتين كل البعد، وسواء كنت متفقًا أو مختلفًا مع أيٍّ من صاحبة كل واقعة، يبقى المشترك الأبرز بينهما هو ما تكشفه التجربتان عن جوهر ومعنى يستحق الدراسة والبحث

الأولى الإفراج عن أحد المعتقلين السياسيين بعد سنوات طويلة من الاحتجاز، رغم انتهاء فترة عقوبته منذ مدة، وفي سبيل الإفراج عنه، جاهدت الأم ليصل صوتها إلى العالم، فأضربت عن الطعام مدة قاربت العامين.

أمّا الواقعة الثانية فهي افتتاح أكاديمية لتعليم الرقص أسستها فنانة مشهورة في المجال، وقد شارك في الافتتاح ابنها الذي تحرص على أن يعيش ويتعلم خارج مجتمعنا حتى لا يتعرض للوصم أو التجريح بسبب عملها.

وبغض النظر عن اختلاف المواقف وتباين الآراء، فإن ما يلفت النظر هنا هو تأثير الأم ورغبتها العميقة في تأمين مستقبل أبنائها، كلٌ على طريقتها، وكلٌ بحسب وعيها وثقافتها وما تراه مناسبًا لحياة ابنها

ورغم اختلاف مسار حياتهما
وتباين أسلوب العيش
وتعرض كل منهما لمجتمعات وثقافات مختلفة
إلا أن هناك نقطة مشتركة بينهما
فقد ظل جوهر ومعنى الأمومة راسخًا عندهما
مرتبطًا بالتضحية والسعي لتأمين ما تراه كل واحدة مناسبة لحياة ابنها ومستقبله.

الأبنان بدورهم، كلٌ يرى في أمه صورة الأم المثالية
الأولى ضحّت بجسدها وصحتها عبر الإضراب الطويل
والثانية ضحّت بارتياحها الشخصي أمام المجتمع كي تحمي ابنها من نظراته القاسية.

في كتاب «تأثير أم» (The Mom Factor) يعبّر هنري كلود عن هذا المعنى قائلاً:
"طريقة تعامل الأم مع طفلها تُشكِّل كيف يرى هذا الطفل ذاته، وكيف يبني علاقاته، وكيف يفهم الأمومة عندما يكبر."

هذا الاقتباس يوضح أن الأم ليست فقط حاضرة في لحظة معينة، بل إن أفعالها الصغيرة والكبيرة تُرسم في وجدان الطفل كمرجع طويل الأمد.
وهنا نفهم كيف قد يرى الابنان أن التضحية أو الحماية هي العلامة الأهم التي ميّزت أمهما، بصرف النظر عن طبيعة مسارها الشخصي.

في كتاب «رعاية الحب» (Child Care and the Growth of Love) عالم النفس البريطاني جون بولبي – مؤسس نظرية التعلّق – يؤكد الفكرة نفسها. فيكتب:
"أي طفل لا يحصل على علاقة حميمة ودافئة ومستمرة مع أمه أو مربية بديلة دائمة، سيعاني من حرمان أمومي."

كما يشير لطبيعة علاقة الطفل بأمه:
"حب الأم ليس رفاهية، بل هو احتياج بيولوجي أساسي؛ غياب هذا الحب يترك آثارًا خطيرة على الصحة العاطفية للطفل."

هذا يعني أن حجر الأم ليس فقط مكانًا جسديًا يحمل الطفل في بداياته، بل هو البيئة الأولى التي تتشكل فيها ملامح شخصيته ونظرته للحياة والآخرين.
الأبحاث الحديثة تدعم هذا المنحى.

في دراسة بعنوان "دور أسلوب الأم في التربية على نمو سلوكيات الأطفال" منشورة في Frontiers in Psychology (2020) أن دفء الأم واستجابتها لاحتياجات الطفل يرتبطان إيجابياً بنمو قدراته السلوكية والتنظيمية، بينما يؤدي غياب هذا الدفء أو تحوله إلى ضبط مفرط إلى آثار سلبية على الطفل.

كما يؤكد تحليل شامل نُشر على PubMed Central (2024) أن الحساسية الأمومية في السنوات الأولى ترتبط بشكل مباشر بالنمو المعرفي والعاطفي للطفل، وأن الضغوط المادية والنفسية قد تحد من هذه الحساسية.

هذه الدراسات تكشف أن ما قامت به الأمّان، وإن اختلفت صورته، يندرج في جوهره تحت محاولات حماية الابن وتوفير بيئة أكثر أمانًا له، سواء عبر تحدي منظومة سياسية أو عبر تحدي منظومة اجتماعية.

الأم ليست مجرد شخص يشارك في تنشئة الطفل
بل هي المحدّد الأكثر رسوخًا لشكل وعيه بذاته وعلاقاته ومستقبله.
وبين أمٍّ تُهلك جسدها من أجل حرية ابنها
وأمٍّ تواجه الوصم من أجل كرامة ابنها
نجد تأثير الأم يتجاوز الحدود أياً كانت
ليصنع هوية الابن ويحدد ملامح مستقبله.

وللحديث بقية
إن كان في العمر بقية.

حكم الأغلبيةالناس عادةً بتشوف إن الأغلبية صوتها هو الحكم الفصل، وكأنها دايمًا بتمثل العدل والحكمة. لكن لو بصينا في التار...
19/09/2025

حكم الأغلبية

الناس عادةً بتشوف إن الأغلبية صوتها هو الحكم الفصل، وكأنها دايمًا بتمثل العدل والحكمة.
لكن لو بصينا في التاريخ هنلاقي إن الأغلبية ساعات بتتحول لقوة عمياء، تسكت على الظلم أو تمنح شرعية لقرارات كارثية.

في أثينا القديمة، المجتمع اللي كان بيدّعي الديمقراطية والحرية، صدر حكم بالإعدام على سقراط، واحد من أعظم العقول الفلسفية.
سقراط اتهموه إنه "بيفسد عقول الشباب" لأنه كان بيعلّمهم يفكروا بحرية.
الأغلبية ساعتها ما اعترضتش، بالعكس سكتت وسابت الفيلسوف العظيم يواجه الموت وحيد.
ده كان أول دليل إن الجموع ساعات بتفضل السلامة والصمت على إنها تدافع عن الحق.

بعدها بقرون، في أورشليم، الجموع وقفت قدام خيارين:
إما إطلاق المسيح اللي شفي أمراضهم وأقام موتاهم أو إطلاق بارباس، المجرم المعروف.
الناس اختارت بارباس، ودفعوا بالمسيح للصليب.
هنا برضه الأغلبية ما مشتش ورا الحق، لكن ورا الانفعال والتحريض.

في القرن العشرين، التاريخ أعاد نفس الدرس.
الأغلبية في ألمانيا انتخبت هتلر
رجل خطبته كانت نار وحماسه أسر قلوب الناس.
النتيجة كانت حرب عالمية دمرت بلاد وقتلت ملايين.
الأغلبية اللي صدقت كلامه ما حسبتش العواقب.
الأحداث دي بتأكد إن الشعوب مش دايمًا بتحركها الحكمة.
بالعكس، أوقات كتير بتحركها العاطفة والانفعال.

شكسبير في مسرحيته "يوليوس قيصر" وصف المشهد ده بوضوح وقال:
"روما هي الدهما"
شكسبير كان عايز يوضح إن مصاير الأمم ساعات بتبقى في إيد جموع وأغلبية غير واعية
تصفق وتبكي وتتحمس، لكنها ما تفكرش في العواقب.
الجموع دي اللي سماها "الدهماء" أو "العامة"
واللي بتتحول لقوة ضخمة لكن من غير بوصلة أخلاقية أو عقلية.
بمعنى تاني:
الجموع ممكن تنقلب من التأييد إلى التنديد لنفس الشخص في لحظة.
الرأي العام سريع التقلب، بيتأثر بالكلمة والخطبة والمشهد، مش بالتحليل العميق.
فهو بيحذر من خطورة إن القرارات المصيرية تسيطر عليها مشاعر الناس بدل التفكير الواعي.
يعني الجموع غير الواعية هي اللي بتحرك الأمور، مش العقل ولا التفكير.

الموضوع مش بس دروس من التاريخ أو الأدب، لكن كمان ليه تفسير علمي.
جوستاف لوبون، في كتابه الشهير سيكولوجية الجماهير، قال:
إن الفرد لما يبقى جزء من جماعة، بيتخلى عن وعيه النقدي ويمشي مع التيار.
الجماهير دايمًا بتفكر بعاطفتها مش بعقلها.
لوبون وصفها كده:
الجماهير سريعة التصديق
تنجذب للكلمة البسيطة والصورة المؤثرة
وتنتقل من الحماس للتدمير في لحظات.
وده بالضبط اللي بيخلي الأغلبية أحيانًا أخطر من أي طاغية، لأنها هي اللي بتدي له القوة.

وعلشان نفهم أكثر محتاجين نحلل سلوك وأنماط الجماهير أو الجموع أو الأغلبية سمياها زى ما تحب
فيه أنماط كتير من الجموع أو الأغلبية:
جموع وأغلبية عاطفية: تتأثر بسرعة بخطاب حماسي أو مشهد درامي.
جموع وأغلبية عنصرية: تختار بدافع الكراهية للآخر مش بحثًا عن العدل.
جموع وأغلبية جاهلة: تمشي ورا إشاعة أو خطبة نارية كأنها حقيقة.
جموع وأغلبية متعصبة: الدين عندها بيتحول لأداة للتحريض بدل ما يكون وسيلة للعدل والرحمة.

ولو بصينا النهارده في مجتمعنا أو المجتمعات اللى حوالينا
هنلاقي إن نفس الكلام ونفس السيناريو بيتكرر.
هنلاقي نفس الظاهرة.
في مجتمع، الأغلبية تتأثر بخطاب طائفي أو سياسي ينادي بالكراهية بدل العدالة.
وفي مجتمع تاني، الناس بتسكت على فساد أو ظلم لأنها مش عايزة صداع ، وتقول:
"خليها على الله"
أو "اللي نعرفه أحسن".
كل فئة بتشوف نفسها الممثل الوحيد للحقيقة، فتدي أصواتها بناءً على العصبية مش على المصلحة العامة.
والنتيجة: تضارب، انقسام، ومصاير بتتشكل بعيد عن العقل والعدل.

وده يخلينا نأكد أن الخطر مش في الطغاة لوحدهم
لكن في الأغلبية اللي تديهم الشرعية.
سواء بالتصويت أو بالصمت.
الأغلبية اللي تصفق أو تسكت بتبقى شريكة في صناعة المصير.

السؤال اللي لازم كل فرد يسأله لنفسه:
هل أنا مجرد جزء من "الدهما" زي ما وصف شكسبير، نتحرك بالعاطفة؟
اللي بتنساق من غير وعي؟
ولا أنا فرد واعي قادر يقول "لأ" حتى لو الأغلبية كلها بتقول "آه"؟
التغيير مش هيبدأ من شعارات كبيرة
لكنه يبدأ من وعي الفرد.
لما تختار بعقلك وتفكر قبل ما تندفع
ساعتها الأغلبية تتحول لقوة بناء مش قوة هدم
وتبقى ضمانة حقيقية للعدل
مش مجرد رقم في صفوف التاريخ.

وللحديث بقية
أن كان في العمر بقية

17/09/2025

لا تخلط بين التعليم والذكاء، فقد تحصل على درجة الدكتوراه وتبقى أحمق.
ريتشارد فاينمان
(1918 – 1988)
فيزيائي أمريكي وحائز على جائزة نوبل

11/09/2025

الإنجازات العظيمة مجموعة من الخطوات البسيطة

Address

31 شارع سبيل الخازندار من احمد سعيد بالعباسية خلف المستشفى الجوى محطة مترو عبدو باشا
Cairo

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when Emil Labib - إميل لبيب posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Practice

Send a message to Emil Labib - إميل لبيب:

Share

Share on Facebook Share on Twitter Share on LinkedIn
Share on Pinterest Share on Reddit Share via Email
Share on WhatsApp Share on Instagram Share on Telegram