17/10/2025
لا أعلم من أنا،
لكنني أعلم جيدًا ما لستُه.
لستُ أنماط التكيّف التي لبستها لأبقى،
ولا الدفاعات التي رفعتها كي لا أنكسر،
ولا التعويض الذي أخفى خوفي من النقص.
كلها كانت محاولات بريئة للنجاة،
لكنها لم تكنني.
أنا ما سيتبقى بعد أن تسقط الأدوار،
الصوت الخافت الذي يهمس في داخلي:
“ما زلت هنا… انتظريني.”
أنتظر ظهوري،
أن أرى وجهي الحقيقي خلف كل القناعات،
أن أتعرف على تلك التي اختبأت مبكرًا،
ولم أمنحها يومًا نظرة حب واحدة،
فقد ظننت أن الحب لا يُمنح لمن تشبهني.
يعلم الله سعيي ورحلتي،
يرى ألمي واجتهادي وشجاعتي،
ويرى كيف أعود رغم التعب.
هو وحده يعلم أنني لا أنهار، بل أُخلَق من جديد.
مع كل ابتلاء ووجع مع كل خذلان وهجر
تسقط قشرة من الزيف،
حتى أكاد ألمس القلب.
ومع ذلك،
يبقى فيّ شك خافت:
هل اقتربت حقًا، أم ما زلت أعيش في الوهم؟
لكني أستند إلى ركنٍ شديد،
إلى الله الذي يراني ويسمعني ويشهد.
أثق أنه سيقودني إلى نفسي برحمته،
فهو يعلم أني أبحث عن الصدق، لا الكمال.
لم أفقد هويتي،
أنا فقط أخلع ما ليس أنا،
أتحرر من كل ما ظننته ذاتي،
لألتقي بمن كنتها منذ الأزل،
حين خُلقت أول مرة… نقية، حقيقية، بلا خوف.
أصبحتُ حقًا لا أعلم من أنا،
ولكنني أعلم ما لستُ أنا.
وهو أمرٌ مؤلم،
كأن الأرض تدور من تحتي،
والهواء تغيّر رائحته،
وكأنني أتعلم المشي من جديد…
وادعو واتضرع أن يكون هذا الدوار
هو بداية الثبات،
وأن هذا التيه
هو طريق العودة.
واليوم…
أُشهِد الله على رحلتي،
وعلى نيّتي في الصدق، وفي السعي نحو النور.
أطلب منه العون،
وأطلب منه البصيرة.
وما دام الله يشهد،
لا ينشغل قلبي بأحد،
ولا يهمني أن يفهمني أحد.
فهو وحده يرى قلبي حين يته،
ويعلم أني ما أردت إلا أن أعود إليّ… عبره.