30/11/2025
الله الله 👏
لا يوجد "مؤمن كامل"
لا يوجد مؤمن "إنسان فوق الطبيعة"
لا يوجد مؤمن عبارة عن، شخص لا يكتئب، لا يحزن، لا يقلق، لا يعاني، لا يتعب، مثالي يتقبّل كل شيء،
هذا لا يوجد..
شخص يعيش في اطمئنان دائم
فهذا وصف لملَك… ليس إنسان.
لا يوجد في تاريخ البشر – حتى الأنبياء – أحد كان يعيش بنفس هذه الصورة المثالية.
لا يوجد "مؤمن خارق"…
ولا يمكن لأحد أن يتحوّل بفضل الإيمان إلى كائن لا يمسه وجع ولا خوف ولا قلق.
الإنسان يظل إنسانًا… حتى لو كان قلبه عامرًا بالله.
الأنبياء أنفسهم مرّوا بما هو أعمق من الحزن والضيق.
يعقوب عليه السلام بكى حتى ابيضّت عيناه من الحزن.
وموسى قال: رب إني أخاف.
ويوسف صبر وصبر وارتبط الحزن بقصته.
النبي ﷺ نفسه ضاق صدره، وبكى، وحزن، وخاف على أصحابه، وتألم لفقد أحبته.
مريم عليها السلام قال تعالى "فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا"
ولو كانت النفس المؤمنة "لا تمرض"…
فما معنى عام الحزن؟
وما معنى قوله تعالى للنبي: ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون؟
ولماذا قال أيوب: مسني الضر وأنت أرحم الراحمين؟
الإيمان لا يعزل الإنسان عن تجاربه البشرية،
ولا يحوله إلى قلب لا ينكسر، أو عقل لا يدوخ، أو نفس لا تضعف.
الإيمان يمنح الطاقة… لا يعطل الطبيعة.
يمنح قوة التحمل… لكنه لا يمنع الجرح.
المؤمن ليس معصومًا من الاكتئاب… لكنه لا يستسلم له.
ليس محصنًا من الحزن… لكنه يجد في الحزن بابًا إلى الله.
ليس بمنأى عن القلق… لكنه يتعلم أن يسنده على الدعاء.
وإذا ضاقت به الدنيا… لجأ إلى الذي بيده السعة.
الإيمان ليس علاجا سحريا يلغي الطب،
ولا هو "درع فولاذ" يمنع الألم،
ولا هو وصفة تجعل الإنسان يعيش فوق مستوى البشر.
الإيمان ببساطة:
أن تمشي جريحًا… لكنك لا تترك حبل الله.
أن تبكي… لكنك لا تفقد رجاءك.
أن تخاف… لكنك لا تهرب من الله.
أن تمرض… لكنك تأخذ بالأسباب وتؤمن أن الشفاء بيده.
والمؤمن الحقيقي هو الذي يعرف أن النفوس تُبتلى،
والقلب يضعف،
والعقل يرهق،
والروح تتعب…
ثم ينهض رغم كل شيء. لا ييأس أبدا. لا يقنط. لا يرى الطريق مظلما.
وهذا هو الإنسان…
وهذا هو المؤمن…
وهذا هو جمال الرحلة.