03/02/2024
الخير في أولادنا!
المشاهد الرمادية لا تستحق الحديث عنها، و علينا أن ننشغل بمن سيتحملون مسئولية وطننا في مستقبل ليس بالبعيد، إنهم أولادنا، فلتكن هذه الكلمات دعوة لنبدأ بتقويم أولادنا من اليوم مع اختلاف أعمارهم، نغرس فيهم ما يفتقده الكثير منا الأن من إيمان و علم و قيم ومباديء!
أولادنا هم الأمانة العظيمة التي نحملها في أعناقنا طالما أصبحنا أباء وحق الأمانة الحفاظ عليها، و لأن المجتمع أصبح ماديا فاجرا، فالكثير منا، خاصة القادر ماديا اختطلت عندهم المفاهيم، و اتجه تفكيرهم تجاه اولادهم نحو توفير رفاهيات الحياة التي أصبح بَعضُنَا يتفاخر بها شكلا وفِي الموضوع حدث ولا حرج حديثا ينضح بالتفاهة والعبث، يتفاخر الآباء والامهات باسماء المدارس الأجنبية و الجامعات الخاصة والنوادي التي لا يجيدون نطق أسمائها، و يقضي الأب يومه كاملا خارج المنزل في رحلة توفير المال و لا يعرف شيء عن الأبناء إلا اذا حدثت مصيبة، و تعيش الأم في السيارة سائق تقوم بتوصيل الأولاد إلي مراكز الدروس الخصوصية في الدراسة والنوادي في الإجازة وفِي كل الأحوال يختفي الحوار بين الأبناء والأباء والأمهات، بل أن الحال الأن تطور وأصبحت هجرة الأولاد منذ مرحلة الطفولة ليقضوا يومهم بالحضانات الخاصة ويصبح البيت لهم مكان للنوم، في مشهد قاتل لمفهوم الطفولة والأمومة و التربية!
و الحقيقة أن الأمانة تحتم علينا أن نضع تربية أولادنا علي قائمة أولويتنا قبل توفير المال والرفاهيات، فقد أصبحنا نعيش في مجتمع تختلف أشكاله عن مضمونه كثيرا، فالكثير من ابنائنا يدرسون في كليات القمة كما يطلق عليها في وطننا و من أوائل الثانوية العامة ولكنهم يحملون جهلا ينحني له الجهل تعظيما وإجلالا، فهم ضحية إهمالنا لهم قبل أن يكونوا ضحية منظومة تعليمية غير صحية، تدفعهم فقط إلي الحصول علي أعلي الدرجات، فعندما يصبح ورق الدرس و توقعات الامتحان مرجعهم من الابتدائي إلي الدكتوراه فإن ما خفي نتيجة قيم ضائعة ومباديء مهلهلة و دين مستهدف كان أعظم!
لكم و لنفسي قبلكم، خططوا لتربية أولادكم وضعوا لها أهدافا واضحة من أهمها:
١- القراءة هي غذاء العقل و مفتاح الثقافة العامة والدينية والإجتماعية و وقود العلم و العلم قوة و القوي هاديء حكيم و الجهل ضعف والضعيف ثرثار يهذي!
٢- الإيمان بالله وحب الله و السعي لرضا الله والتقرب من الله و الاعتقاد الراسخ في أن الله عليم خبير بصير منتقم جبار يمهل ولا يهمل، لا يخفي عليه شيء ومطلع علي كل شيء فليكن الخوف من الله هو المانع عن المعصية!
٣- الشرف في الفعل، فالشرف معني لا يطلقه شخص علي نفسه، بل يصفه به الآخرين بناءا علي افعاله حتي من يختلف معه، فلتكن كل افعالهم منزهة عن التملق والنفاق و التسلط و الغرور والنرجسية و حب الذات و ظلم الناس و الخوف من الناس و ترهيب الناس!
٤- الصدق في القول والوعود، فالرجل يعرف من لسانه و أحسن الرجال أصدقهم دون أن يجعلوا الله عرضة لايمانهم، وإذا وعد الرجل ولَم يصدق اصبح منافقا وإذا تكرر منه عدم الوفاء بالوعد أصبح أثما متعمدا!
٥- أطلقوا لهم الحرية في دراسة ما يحبون و ممارسة الرياضة أو الهواية التي يعشقونها وشجعوهم علي ذلك، فالبديل شخص ناقص حتي وان أصبح طبيبا أو مهندسا فدائما يشعر بأن شيء يحبه لم يتحقق له و يصبح غير متزنا و قد يصبح فاشلا!
٦- الإنصات لمن يتحدث اليهم فالله سبحانه وتعالي خلق لنا فم واحد وأذنين وان لم نعلم ابنائنا حكمة الله في ذلك سيصابون بداء الكلام و يذوب معاني كلامهم قبل أن يصل، فمن يكثر حديثه يقل تأثيره ومن لا ينصت لا تجد له منصتا!
٧- إحترام الناس وعدم الحكم عليهم، فالحكم علي الأشخاص ليس وظيفتنا و كل ما علينا ان نعلم اولادنا ان يحسنوا معاملة الناس، حتي يحسّن الناس معاملتهم!
٨- الاتزان الجسدي، فعندما يعلم اولادنا ان للجسد لغة، يدركون أن كثرة الحركة تعكس عدم ثبات الفكر و تشتته و تثير سخرية من يستمع إليك.
٩- توازن تعبيرات الوجه فلاينبغي الهزل أو الصخك في مقام الجد ولا الجد في مقام الهزل.
١٠- المال والسلطة لا قيمة لهم فكلاهما يأتي ويذهب و كلاهما قد يكون ابتلاء ونقمة و جعلهم غاية بمثابة السير في نفق منزلق مظلم لانهاية له و الأحوط هو الزهد في الدنيا والعمل علي إعمارها مع كل مخلوقات الله، و اليقين بأن عمر الإنسان مهما طال فهو قصير و لكن سيرة ما يتركه الأنسان من خلفه أطول من عمره
أطال الله أعماركم جميعا و حفظ ابنائكم ووطننا من كل مكروه وسوء!