21/10/2025
عارفين آرون بيك أثناء عمله مع مرضى الاكتئاب لاحظ حاجة غريبة لفتت نظره، وهي إن المشكلة مش بس في الأحداث اللي حصلت للمرضى زمان، لكن في طريقة تفكيرهم دلوقتي
بيك لاحظ إن المريض ممكن يكون قاعد عادي وفجأة ييجي في دماغه خاطر كده سريع وسلبي من غير ما يفكر أو يقصد
حاجة زي " أنا فاشل " " مفيش فايدة مني " والأفكار دي بتطلع بسرعة جدًا، كأنها صوت داخلي بيعدّي على العقل من غير ما ياخد إذن، ومن هنا سماها الأفكار التلقائية أو Automatic Thoughts
اللي شد انتباه بيك إن الأفكار التلقائية دي هي اللي بتولد المشاعر مش العكس، يعني لو شخص مثلًا دخل لجنة الامتحان، وأول فكرة جت في دماغه " أنا مش فاكر أي حاجة وهسقط" هتلاقي القلق شد عليه فورًا وبقى متوتر ومش عارف يركز
بينما لو كانت الفكرة " اللي ذاكرته كفاية وهعرف أفتكر وأنا بحل" كان هيكون هادي أكتر،
وده معناه إن الأفكار اللي بتيجي في اللحظة بتتحكم في الشعور اللي بييجي بعدها
بيك بدأ يلاحظ الموضوع ده مع مرضاه، وخصوصًا المكتئبين، و أكتشف إن دماغهم كأنها متبرمجة تدي تفسير سلبي لكل موقف، حتى المواقف اللي مافيهاش حاجة سلبية فعلًا
بيك من خلال العلاج اللي كان بيعمله معاهم، اكتشف إن تغيير الفكرة ممكن يغير الشعور، وبدأ يطلب من المرضى يلاحظوا نفسهم ويكتبوا الأفكار اللي بتعدي على بالهم وقت ما بيتدايقوا، ولما بدأوا يراجعوا الأفكار دي وجدوا إن كتير منها غير منطقي أو مش حقيقي، وإن مجرد التفكير فيها بطريقة مختلفة بيهدي المشاعر وبيغير نظرتهم للموقف
و ده كان اكتشاف مهم جدًا في الوقت دا لأن العلاج النفسي وقتها كان بيركز على الماضي والذكريات، لكن بيك أثبت إن المشكلة موجودة في الطريقة اللي بتفكر بيها دلوقتي وإننا لو غيرنا التفكير هنقدر نكسر حلقة الاكتئاب
و الفكرة دي بقت حجر الأساس لمدرسة العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، اللي هي من أكتر طرق العلاج النفسي استخدامًا وفاعلية لحد النهارده
و الجميل بقى في اللي عمله بيك إنه ورانا إن الأفكار التلقائية مش بس موجودة عند مرضى الأكتئاب، كلنا بيجيلنا أفكار تلقائية، لكن الفرق إن المكتئب بتبقى أفكاره أغلبها سوداوية وسلبية، وبيصدقها من غير ما يشك فيها
وعشان كدا أول خطوة للعلاج هي إننا نتعلم نلاحظ الأفكار دي و نفكر هل هي حقيقة ولا مجرد افتراض سلبي من دماغي، ومع التدريب الشخص بيتعلم يستبدلها بأفكار منطقية وأقرب للواقع، وده بيساعده يطلع من دائرة الاكتئاب