15/11/2025
مرض السكري هو سرير ترتاح عليه جميع الأمراض ولكن 🩵🩸
هل هو ناتج عن صدمة كما يشاع؟
الجواب في هذا المقال👇
مقالي صباح اليوم لجريدة الإسبوعية
نافذة على مرض #السكري
في اليوم العالمي للسكري ، هل تعلم أن السكري لا يظهر فجأة نتيجة صدمة كما يشاع ، بل نتيجة سلوكيات غذائية وصحية خاطئة منذ الصغر !
في العقد الأخير، كشفت الأبحاث العلمية عن حقيقة مقلقة: جذور السكري النوع الثاني تتكوّن بصمت منذ السنوات الأولى من الحياة. ما نطعمه لأطفالنا اليوم لا يختفي… بل يُخزَّن في الذاكرة الأيضية للجسم، ويعود ليُطالبنا بثمنه بعد عقود. الطفل الذي ينشأ على وجبات عالية السكر، قليلة الألياف، ونمط حياة خالٍ من الحركة، يصبح بالغًا يواجه مقاومة إنسولين وارتفاعًا في سكر الدم، حتى لو بدا “سليمًا” في شبابه. ومن هنا، تبدأ القصة
اولاً: ما هو السكري؟: قراءة علمية مختصرة
السكري هو اضطراب استقلابي (Metabolic disorder) ناتج عن خلل في قدرة الجسم على استخدام الغلوكوز، إما بسبب نقص الإنسولين أو ضعف حساسية الخلايا له. ما يميز السكري النوع الثاني تحديدًا أنه مرض تراكمي؛ لا يحدث فجأة، بل تتطور بداياته عبر سنوات طويلة من مقاومة الإنسولين الصامتة، التي تتقدّم ببطء حتى تعجز خلايا البنكرياس عن التعويض.
هذا المرض ليس “قدرًا”، بل نتيجة تفاعل جينات قابلة للتأثّر مع بيئة غذائية ونمط حياة يحددان مصيره.
ثانياً : ما هي العوامل المسببة للسكري؟
تشير أحدث الدراسات إلى أن الطفولة هي المرحلة الأكثر حساسية في تشكيل مستقبل الصحة الأيضية. ومن أبرز العوامل التي تُسرّع ظهور السكري لاحقًا:
السمنة الطفولية: تراكم الدهون حول الأعضاء يزيد مقاومة الإنسولين مبكرًا.
استهلاك السكر المضاف بكثرة : المشروبات المحلّاة والمخبوزات ترفع الغلوكوز بشكل متكرر، ما يُرهق البنكرياس على المدى الطويل.
تناول الأطعمة المشبعة والعالية بالدهون
تناول الأغذية فائقة التصنيع: مليئة بمواد تؤدي لالتهابات منخفضة الدرجة (Low-grade inflammation) ترتبط مباشرة بتطور السكري.
قلّة النشاط البدني: الطفل الذي لا يتحرك، يفقد عضلاته قدرتها الفعّالة على استقبال الغلوكوز، ما يجعل الإنسولين أقل كفاءة.
هذه العوامل تُحدث ما يُعرف بـ البرمجة الأيضية (Metabolic programming): أي أن جسم الطفل يُبرمج كيف سيتعامل مع السكر مستقبلًا.
ثالثاً:العلاج بالغذاء: عندما يصبح الطعام أقوى من الدواء
اليوم، تشير مراجع التغذية العلاجية الحديثة إلى أن ٧٠٪ من حالات السكري النوع الثاني يمكن ضبطها—وأحيانًا إيقاف الدواء فيها—عبر تعديل حقيقي للنظام الغذائي.
العلاج الغذائي الفعّال يعتمد على:
✅️رفع كمية الألياف لتحسين حساسية الإنسولين.
✅️اعتماد الكربوهيدرات المعقدة بدل البسيطة.
✅️تقليل الأطعمة المصنعة والمقالي.
✅️تعزيز الدهون الجيدة مثل زيت الزيتون والمكسرات.
✅️ضبط توقيت الوجبات لمنع الارتفاعات الحادة في السكر.
ومع الدمج بين الغذاء والعلاج الطبي ، يمكن للجسم أن يستعيد جزءًا كبيرًا من قدرته الطبيعية على تنظيم الغلوكوز.
رابعاً: الحركة والرياضة: العضلة… هي صديقك الطبي الحقيقي
الحركة ليست رفاهية. علميًا، العضلة هي أكبر مستهلك للغلوكوز في الجسم، وعندما تتحرك، تفتح “بوابات” نقل السكر إلى داخل الخلايا بدون حتى الحاجة لكميات كبيرة من الإنسولين.
المشي اليومي، تمارين المقاومة، والأنشطة الهوائية، كلها تقلل مقاومة الإنسولين، وتعيد التوازن الهرموني، وتبطئ تطور المرض بشكل واضح.
والمؤسف أن إهمال الرياضة يضعف العلاج الغذائي مهما كان مثاليًا، لأن الجسم يحتاج آلية لحرق السكر وليس فقط لتقليل دخوله.
وأخيرا وليس آخراً ،
السكري ليس مرض المفاجآت، بل مرض “التراكمات”. ما نزرعه في طفولتنا نحصد نتائجه في الأربعين وما بعد الأربعين .
الغذاء الصحي منذ الصغر، بيئة منزلية واعية، حركة يومية، وتقليل الأطعمة المصنعة… ليست رفاهية تربوية، بل أقوى استثمار صحي طويل الأمد.
والخبر الجيد:
التغيير ممكن… والجسم يستجيب.
ابدأ اليوم، لنفسك… ولجيل كامل ينتظر أن نُعلّمه كيف يحمي جسده بدل أن يعالج مرضه، فصحة أسرتنا من صحتنا وهي كالبناء بحاجة إلى أسس متينة لتواجه الرياح والتحديات ، فلنبنيها معاً.
دمتم بصحة وأمان💙
مع منال التغيير أسهل والهدف أقرب 🎯
منال ترمس
مدربة صحة وحياة
إختصاصية تغذية علاجية