29/10/2025
الحزاز المتصبغ Lichen Pigmentosus: مثال لمدى أهمية السياق في التشخيص
إحدى الاستشارات الأون لاين كانت من مريضة سودانية بالولايات المتحدة الأمريكية، تعاني من تصبغات واسعة بالوجه والرقبة لعدة أشهر بدون أن يسبقها احمرار أو حكة، كما أن فحوصات الأمراض المناعية قد أظهرت ارتفاعا ببعض المؤشرات
الدرس الأول الايجابي الذي لفت نظري هو أن الأخصائية هناك قد أخبرتها بوضوح أنها لا تعرف تشخيص حالتها، وخططت لعمل عينة جلدية لاحقا، وهذا ما نفتقده حقا، فمن الطبيعي ألا يصل الطبيب للتشخيص من أول وهلة، ومن الأخلاقي أن يشرك المريض بخططه للتعامل مع حالته، ويجب أن يتقبل المريض حقيقة أن الطب معقد وواسع ويحتاج لتروي ومشوار من التعليل للوصول، بدون أن ينقص ذلك من ثقته بالطبيب
الدرس الثاني هو أن ما يبدو غامضا بمنطقة جغرافية، قد يكون سهلا ومباشرا بمنطقة أخرى. فالصورة المرضية هنا كانت سهلة التشخيص لشيوعها بمنطقتنا، ومع وجود أكثر من ثلاثة آلاف مرض جلدي مبوب، من الطبيعي أن تختلف خبرات الأطباء في ملاحظة الشائع منها بسياقهم المحلي، وهذا يمنح ميزة للعلاج عن بعد بهذه الحالات
الدرس الثالث تابع للثاني، فذلك الفحص المناعي الموجب بالذات، لم يكن لها دلالة مرضية عند الإثنية السودانية، إذ من الطبيعي أن نراه إيجابيا عندنا بدون دلالة سريرية كبيرة، وهذا يصنع فرقا كبيرا في التفكير، إذ كانت تعاني أيضا من تساقط الشعر، وهذا قد يوجه التفكير بالأمراض المناعية كالذئبة الحمراء بدلا عن سببه الحقيقي كنتاج لنقص فيتامين د المكتشف بالفحص أيضا
الطب لا يمارس في فراغ، ويجب تفسير الصورة السريرية والفحوصات على خلفيات من الجغرافيا والتاريخ، وربما لهذا لم يتحول لحوسبة آلية تماثل فقط بين الشكل والتشخيص، رغم أهمية التكنولوجيا في الممارسة الطبية
ملحوظة:
الصورة من مجلة طبية للتوضيح